في خطوة أحدثت جدلاً واسعاً بين محبي الفن المصري، تخلفت النجمة المصرية يسرا عن حضور افتتاح الدورة الخامسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الحدث الذي يمثل تقليداً ثقافياً ورمزاً للسينما المصرية والعربية. وبينما كانت الأنظار تتجه إلى يسرا في لحظة يُنتظر منها أن تكون أحد أبرز الوجوه في هذا المحفل المصري العريق، فوجئ جمهورها بوجودها في “ليلة إيلي صعب” في الرياض. وقد اكتفت النجمة بتقديم اعتذار مقتضب على وسائل التواصل الاجتماعي، تاركة خلفها علامات استفهام كثيرة: هل كانت هذه الخطوة مجرّد قرار فني أم رسالة أعمق حول التوجهات الجديدة للفنانين المصريين؟
يسرا و”ليلة إيلي صعب”: لماذا السعودية الآن؟
ليس سراً أن المملكة العربية السعودية باتت تشهد نهضة غير مسبوقة في عالم الترفيه، حيث أصبحت الرياض تجذب الفعاليات الثقافية والمواهب الفنية من جميع أنحاء العالم العربي. ولكن هل كان الحضور في فعالية أزياء مثل “ليلة إيلي صعب” يستحق من يسرا التضحية بمكانتها في مهرجان القاهرة؟ يبدو أن الحدث في الرياض، بتغطيته الإعلامية الواسعة ودعمه الكبير، قدم ليسرا فرصة للتواصل مع جمهور واسع ومنصات إعلامية جديدة، ولكن في المقابل، ألم يتوجب على يسرا، بصفتها أيقونة سينمائية مصرية، أن تكون أكثر حرصاً على حضور مهرجان بلادها ودعم المهرجان الذي طالما كان جزءاً من رحلتها الفنية؟
ربما كان قرار يسرا يعكس توجهاً نحو انتهاز الفرص العالمية في ظل التغيرات التي يشهدها العالم العربي، ولكن يبقى السؤال: هل يكفي اعتذارها عبر صفحات التواصل الاجتماعي لتبرير تخليها عن هذا الحدث الوطني؟ وهل يعتبر حضورها في السعودية بمثابة خيانة غير معلنة للجمهور المصري الذي ظل يراها رمزاً للسينما المصرية؟
مهرجان القاهرة في مواجهة المنافسة الإقليمية
لقد كان مهرجان القاهرة السينمائي لسنوات طويلة بمثابة رمز للسينما المصرية، وحاضناً للفنانين من مختلف أنحاء الوطن العربي، إلا أن تزايد الفعاليات الثقافية والفنية في السعودية يطرح سؤالاً مهماً: هل بدأ مهرجان القاهرة يخسر بريقه وجاذبيته أمام مهرجانات أخرى تقدم مزيداً من الإغراءات والفرص للنجوم؟
غياب يسرا، التي كانت دائماً من أبرز الوجوه المصرية الحاضرة في مهرجان القاهرة، يمثل ضربة لسمعة المهرجان، خاصة عندما تفضل المشاركة في فعالية لا ترتبط بشكل مباشر بالسينما. هذا القرار يترك المهرجان أمام تحديات كبيرة؛ فهل يحتاج إلى تطوير أساليبه لجذب النجوم وتوفير المزيد من الدعم والتغطية الإعلامية، أم أن العصر الحالي يتطلب إعادة نظر في طبيعة الحدث وجمهوره المستهدف؟
الاعتذار الرقمي: هل يُبرئ يسرا من مسؤوليتها؟
بينما كان يتوقع منها حضوراً قوياً ودعماً واضحاً لمهرجان بلدها، اكتفت يسرا بتقديم اعتذار قصير عبر صفحتها على وسائل التواصل الاجتماعي، مما أثار استياء الجمهور والنقاد على حد سواء. قد يرى البعض أن الاعتذار الرقمي يعكس تجاهلاً غير مبرر لمكانة الحدث، خاصة أن جمهور مهرجان القاهرة كان ينتظر دعمها الكامل. فالاعتذار المكتوب، مهما كان صادقاً، لا يمكن أن يعوّض عن الحضور الفعلي للنجمة، ولا يُظهر احتراماً كافياً لهذا الجمهور العريض.
كما أن طبيعة هذا الاعتذار البسيط قد تعكس، ولو بشكل غير مباشر، تغييراً في أولويات النجوم المصريين واهتماماتهم الجديدة. فهل تعتقد يسرا أن الحضور في الرياض كان أكثر أهمية من حضور حدث يحمل طابعاً وطنياً في بلدها؟ أم أن البريق الإعلامي للرياض بات يتفوق على عراقة المهرجان المصري؟
التحولات في اهتمامات النجوم المصريين: هل ولّى زمن الالتزام الوطني؟
إن تخلي يسرا عن مهرجان القاهرة واختيارها الظهور في فعالية سعودية يمكن اعتباره جزءاً من تحول أوسع يشهده الوسط الفني المصري، حيث باتت الأحداث الخارجية تستهوي العديد من النجوم، وتجذبهم من خلال دعم مالي وإعلامي غير مسبوق. وربما يشير هذا إلى أن المشهد الفني في مصر يحتاج إلى إعادة تقييم لطبيعته وأهدافه؛ ففي زمن العولمة والفرص الاقتصادية الكبيرة، هل يمكن أن نلوم النجوم على تفضيلهم للفعاليات ذات الطابع الدولي؟
ربما تطرح هذه الخطوة من يسرا سؤالاً حول طبيعة المسؤولية الثقافية للفنانين تجاه بلدهم، وهل ما زال لرمزية الحضور الوطني ذات الأهمية السابقة؟ أم أن الأولويات اختلفت وأصبح السعي وراء الشهرة العالمية أمراً يتجاوز اعتبارات الوطن؟