بين الإرث والمسؤولية.. يأتي حسين فهمي إلى الساحة الثقافية المصرية بحس من الإرث العريق، إذ ينحدر من عائلة متأصلة في عمق الفنون والثقافة المصرية، مما منحه حسا لا يشبه أي شخصية أخرى. ليس هو بالقيادي الذي يختبئ خلف الطاولة، بل هو شخصية ترى في الفن سلاحاً ثقافياً يواجه التحديات المعاصرة. ومع انطلاق الدورة الخامسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي، يجد فهمي نفسه ليس فقط رئيسًا لمهرجان سينمائي عريق، بل قائداً لمشروع ثقافي يحمل معه آمالاً وتحديات متعددة. هنا يبرز السؤال: هل يستطيع حسين فهمي الحفاظ على وهج المهرجان في ظل ضغوط العصر ومواجهة تحدياته؟
فهمي.. رؤية رجل يتنفس الفن
حسين فهمي ليس مجرد رئيس مهرجان، بل هو كاتب في رؤى بصرية تسعى لإضاءة النوافذ على قضايا إنسانية وثقافية عميقة. بدأ مشواره الفني من التمثيل، لكنه حمل معه دائمًا شغفًا للثقافة بأنماطها وألوانها المختلفة. كونه ممثلاً بارعًا، ومخرجًا ذكيًا، وعضوًا في الأسرة الثقافية المصرية، ساهم هذا الثراء الثقافي في بناء نظرة فهمي للمهرجان كمساحة تتجاوز فكرة العرض السينمائي، لتصبح منبرًا يواجه به القضايا المجتمعية والسياسية برؤى متفردة.
المهرجان في عيون فهمي: منبر للثقافة العالمية بروح مصرية
تبدو رؤية فهمي لمهرجان القاهرة السينمائي مزيجاً معقداً بين الأصالة والانفتاح. في عصر يتسم بالتكنولوجيا وسرعة الاتصالات، يدرك فهمي أن هذا الحدث يجب أن يعكس الثقافة المصرية، لكن عليه أيضًا أن يكون بوابة للحوار بين الشرق والغرب. من هنا يسعى فهمي لتعزيز المشاركة الدولية للمهرجان عبر الأفلام المتميزة والندوات الفكرية التي تعالج قضايا عابرة للحدود، بهدف خلق منصة تفاعلية بين الثقافة العربية والعالم.
حسين فهمي كدبلوماسي ثقافي.. جسر بين الفن والسياسة
مع مسيرة تمتد لعقود، استطاع حسين فهمي أن يكون سفيرًا للثقافة المصرية على المسرح العالمي، ليس فقط بفضل براعته التمثيلية، بل بسبب قدرته على المزج بين الفن والسياسة بأسلوب متزن. يُنظر إلى فهمي كقائد قادر على خلق توازن ذكي بين المواقف السياسية المتوترة ومتطلبات الفن. مع افتتاح المهرجان، يبقى السؤال حول كيفية استخدامه هذا المنبر لتقديم صورة تعكس القوة الناعمة لمصر وتجذب الأنظار إلى التنوع الثقافي، في ظل تحديات سياسية واقتصادية قد تحاول إعاقة هذا التوجه.
رؤية فهمي تجاه الأفلام واختيارها: نهج حازم لقضايا جريئة
حسين فهمي يضع شروطاً دقيقة ويحرص على تقديم الأفلام التي تجسد أصواتاً متنوعة وصادقة. إذ يؤمن أن الأفلام المشاركة يجب أن تكون بمثابة مرآة عاكسة للتحديات التي يواجهها الإنسان، محليًا وعالميًا. ربما يعد هذا النهج الحازم في اختيار الأفلام فرصة لجعل المهرجان مساحة تعكس قضايا اجتماعية وسياسية شائكة، مما يمنحه تميزًا عالميًا ويضفي عليه طابعًا معاصرًا لا يخشى خوض القضايا الجريئة.
لا يخلو المهرجان من التحديات التي تشمل التغطية الإعلامية والميزانية وسياسات اختيار الأفلام. ومع توجهات المهرجان للتوسع والتحديث، يجد حسين فهمي نفسه عرضة للنقد، سواء من جمهور ينتظر التجديد، أو من أصوات تطالب بالحفاظ على الطابع التقليدي. لكنه لا يبدو ممن ينكفئون أمام العواصف، فهو يدرك أن القيادي الناجح هو من يستطيع مواجهة النقد بأسلوبه المتزن، ويحول كل تحدٍ إلى فرصة للإبداع والتطوير.
الطموحات المستقبلية.. مهرجان القاهرة كمنصة عالمية
يضع حسين فهمي نصب عينيه طموحًا كبيرًا لتوسيع نطاق المهرجان. فهو يسعى لتحويله إلى مرجع عالمي يلهم مهرجانات السينما حول العالم، عبر تفعيل الجوانب التفاعلية التي تشمل ورش العمل والحوارات الفكرية. في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها العالم، يبقى حسين فهمي متمسكًا بأمل أن يقدم المهرجان أفلامًا تنقل معاناة وآمال البشر بصدق.
أخيراً، يبقى حسين فهمي رمزاً للسينما المصرية ومثالاً للمثقف القادر على التفاعل مع العالم بإيمان ثابت بجمالية الفن وأثره. من خلال مهرجان القاهرة السينمائي، يوجه حسين فهمي رسالة إلى العالم: السينما ليست مجرد صور متحركة، بل هي مرآة تعكس قضايا الإنسان، وحلم يتجدد في كل دورة ليبقى منارة ثقافية مصرية تمد جسور الحوار وتؤكد للعالم أن مصر، برغم التحديات، تبقى حاضنةً للفن والثقافة.