كتبت: سلوى أبو زيد
في ظل زمن سادت فيه تقاليد مجتمعية تضع 1000 حاجز أمام عمل المرأة في مجال الفن، ووصف من يمتهن التمثيل بـ “المشخصاتي” وكانت لا تٌقبل شهادته في المحاكم، كسرت مبدعات حوائط الصد، وتخطت حواجز السباق، لتعبر بالسينما المصرية سنوات ضوئية لتصبح الأعرق في الوطن العربي، وما زالت صناعة السينما في الوقت الحالي تدين بالفضل لهؤلاء الفنانات وصانعات السينما.
أصبحت السينما المصرية هي الأعرق والأكثر تأثيرا في الوطن العربي، وساهمت في انتشار اللهجة والثقافة المصرية، لكن خلف ذلك تقف نساء رائدات في مجال الإنتاج والإخراج، منذ بدايات السينما في العشرينيات من القرن الماضي، مرروراً بمراحلها المختلفة والمتميزة في العالم العربي، ودائما السينما المصرية قادرة على تقديم أعمال متنوعة تعكس للعالم للخارجي الثقافة المصرية.
المفارقة أنه في ظل مناداة العديد من نجمات السينما العالمية حاليا سواء الممثلات أو المنتجات أو المخرجات بأن تأخذ المرأة فرصتها الكاملة في صناعة السينما، سبقت المرأة المصرية كل ذلك منذ نحو قرن من الزمان، لتحجر لنفسها مكانة رائدة ومؤثرة في صناعة السينما.
وتألقت عديد النساء في بدايات السينما المصرية في إنتاج وإخراج عدد كبير من الأفلام، سواء في السينما الصامتة أو الناطقة، مرورا بمراحل تطور الصناعة حتى الوقت الحالي، ليضعن عطرا نسائيا خاصا على صناعة السينما المصرية وصبغة مميزة جعلتها رائدة في الوطن العربي.
عزيزة أمير
كانت “عزيزة أمير” أول سيدة مصرية فتحت الباب للإنتاج السينمائي في مصر، إذ أنتجت وأخرجت أولى تجاربها “ليلى” الصامت، عام 1927، وشاركها في بطولة العمل الفنان استيفان روستي.
تألقت عزيزة أمير في السينما المصرية في فترة الثلاثينيات من القرن الماضي، وكانت تعمل في المجال الفني بكل طاقتها، حيث تميزت في الإخراج والتمثيل والإنتاج، وعملت أيضًا مونتيرة في أغلب الأوقات، حتى أن رجل الاقتصاد البارز والمفكر المصري طلعت حرب أشاد بها أثناء حضوره افتتاح فيلم “نداء الله”، ووصفها بأنها استطاعت تحقيق ما لم يحققه الرجال.
كما حضر أمير الشعراء أحمد شوقي، الفيلم الروائي “نداء الله”، وقال عن المنتجة والممثلة عزيزة أمير إنها أصبحت هلالًا في السينما وهو يتمنى أن يكتمل الهلال ويصبح بدرا بمزيد من النجاح.
أعمال عزيزة أمير
عزيزة أمير أنتجت وأخرجت أكثر من عمل فني منها نداء الله، كفّري عن خطيئتك”، والذي عُرض بدار سينما “جوزي بلاس” يوم 23 مارس عام 1933، ولكن فشل الفيلم وتوقفت عزيزة عن الإنتاج لمدة 6 سنوات، ثم عادت الي الإنتاج بفيلم “بياعة التفاح” عام 1939.
آسيا
أنتجت آسيا عديد الأعمال الفنية التي تركت بصمة في قلوب الجمهور، وأصرت على تقديم أعمال تستمر على مر العصور، حيث إنها أنتجت أبرز أفلام في تاريخ السينما المصرية، والتي منها “أمير الانتقام”، “شجرة الدر”، لكن يبقى تحفتها السينمائية “الناصر صلاح الدين” الصادر عام 1963 شاهدا على مدى عشق الفنانة اللبنانية للسينما، إذ تكلف وقتها 200 ألف جنيه فيما يعد أكبر ميزانية لفيلم سينمائي ذلك الحين، ومازال حتى وقتنا هذا أحد أبرز الأفلام في تاريخ السينما المصرية.
آسيا التي ولدت في لبنان جاءت إلى مصر لتشارك في بطولة فيلم “نداء الله” في العشرينيات من القرن الماضي، ثم قررت أن تؤسس شركة لوتس فيلم لإنتاج وتوزيع الأفلام، بعد توقف شركة عزيزة أمير وبهيجة حافظ، وحصلت على لقب عميدة المنتجين بعدما أصبحت شركتها أقدم وأطول شركات الإنتاج السينمائي المصري عمرًا.
ماري كويني
تعلق آسيا الشديد بعالم السينما انتقل بالجينيات الفنية إلى ابن شقيقتها، التي دخلت عالم الفن من خلال التمثيل بأدوار صغيرة في أفلام خالتها، قبل أن تتزوج من المخرج أحمد جلال ويؤسس شركته الإنتاجية “ستوديو جلال” الذي تولت إدارته بعد وفاته لتحجز مكانها في لوحة الشرف للنساء الرائدات في مجال السينما العربية.
ومن أبرز الأفلام التي أنتجتها ماري كويني “ظلموني الناس”، “ابن النيل”، “إسماعيل يس في جنينة الحيوانات، “دنيا البنات”، “بدور” و”أرزاق يا دنيا”.
ماجدة الصباحي
رغم أن الفنانة ماجدة الصباحي كانت تطمح في أن تعمل بالمحاماة، لكنها انجذبت إلى عالم الفن، وتعلقت به، لتؤسس هي الأخرى شركة إنتاج وتنتج 9 أفلام من بطولتها، ومن أشهر هذه الأعمال الحقيقة العارية، زوجة لخمس رجال، جميلة، هجرة الرسول، النداهة، العمر لحظة.
ناهد فريد شوقي
تمر العقود في عمر السينما المصرية، لكن يظل حضور العنصر النسائي مؤثرا بقوة في الصناعة، إذ انضمت ناهد فريد شوقي إلى قائمة المنتجات عام 1978، واستكملت مسيرة والدها الراحل وقدمت عديد الأفلام أبرزها: من نظرة عين، هستيريا.
كما كان لها حضور قوي في الدراما التلفزيونية، وشاركت في عدد من الأعمال الفنية منتجًا منفذًا لها وأشهرها “لن أعيش فى جلباب أبى”.
إسعاد يونس
إسعاد يونس لم تكن مجرد ممثلة فقط لكنها تميزت في عديد الأعمال مثل الكتابة وتقديم البرامج والإنتاج، وفرضت صاحبة إسعاد سيطرتها على الساحة الفنية بالإنتاج السينمائي، وانتجت أكثر من 15 عمل فني متميز.
برعت صاحبة السعادة في تقديم العديد من الأعمال الفنية والمميزة مع نجوم الوطن العربي كمنتجة سينمائية حيث قدمت العديد من الأعمال المميزة وأشهرها: زهايمر للزعيم عادل إمام، بنتين من مصر، أمير البحار، أعز أصحاب، واحد من الناس، وغيرهم من الأعمال الفنية.
لا تزال السينما المصرية تقدم تاريخا طويلا من النجاحات والأفلام المميزة، وكان للنساء نصيب كبير في صناعة السينما منذ بدايتها في مصر والوطن العربي، ولم تقتصر أم الدنيا في تقديم إنتاج فقط، بل تحتوي على كوادر من جميع المجالات الفنية، وأبرزها في الغناء: كوكب الشرق أم كلثوم، وفي الإنتاج والإخراج عزيزة أمير وغيرهما من العظيمات.