بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الثلاثاء، زيارة تستغرق يومين إلى كوريا الشمالية، في أحدث علامة على تعمق التحالف الذي يزعج الحلفاء الغربيين بقيادة الولايات المتحدة، وفق ما ذكرت شبكة “سي. إن. إن” الإخبارية الأمريكية.
رحلة خارجية نادرة لبوتين
وحسب الشبكة، تعد الزيارة رحلة خارجية نادرة لبوتين منذ بدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا عام 2022، ولحظة مهمة للرئيس الكوري الشمالي كيم جونج أون، الذي لم يستضف زعيمًا عالميًا آخر في بيونج يانج.
ومن المتوقع أن تؤدي الزيارة التي تتم مراقبتها عن كثب لتعزيز الشراكة المزدهرة بين القوتين، التي تقوم على العداء المشترك بينهما تجاه الغرب، وتدفعها حاجة بوتين إلى الدعم في حرب أوكرانيا، وفق “سى. إن. إن”.
قلق أمريكي
وأعربت الإدارة الأمريكية عن قلقها بشأن “تعميق العلاقات” بين بوتين وكيم، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، أمس الاثنين: “لسنا قلقين بشأن الزيارة، ما يقلقنا هو تعميق العلاقة بين هذين البلدين”.
وأشار إلى التأثيرات المباشرة لتعميق العلاقات على الحرب في أوكرانيا، بما في ذلك استخدام روسيا للصواريخ الباليستية الكورية الشمالية لضرب أهداف أوكرانية.
وأعرب المتحدث عن قلقه بشأن الكيفية التي يمكن بها لروسيا مساعدة كوريا الشمالية في شبه الجزيرة الكورية، وحذّر “كيربي” من أنه “قد يكون هناك بعض المعاملة بالمثل هنا، ما قد يؤثر على الأمن في شبه الجزيرة الكورية”، مضيفًا أن الولايات المتحدة “لم تر بعد مؤشرات على أن التعاون بين البليدن بدأ يؤتي ثماره، لكننا سنراقب ذلك عن كثب”.
دعم عسكري كوري لروسيا
وسبق أن اتهمت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية ودول أخرى كوريا الشمالية بتقديم مساعدات عسكرية كبيرة للمجهود الحربي الروسي في الأشهر الأخيرة، في حين أثار المراقبون مخاوف من أن موسكو ربما تنتهك العقوبات الدولية لمساعدة بيونج يانج في تطوير برنامج الأقمار الصناعية العسكرية الناشئ، ونفى البلدان صادرات الأسلحة الكورية الشمالية.
وتأتي رحلة بوتين ردًا على رحلة قام بها كيم في سبتمبر الماضي، عندما سافر الزعيم الكوري الشمالي في قطاره المدرع إلى أقصى شرق روسيا، في زيارة شملت التوقف في مصنع ينتج طائرات مقاتلة ومنشأة لإطلاق الصواريخ.
وتقول كوريا الجنوبية إن المصانع الكورية الشمالية التي تصنع الأسلحة لروسيا “تعمل بكامل طاقتها”.
وأشاد “كيم” الأسبوع الماضي، بمستقبل “العلاقات الهادفة والصداقة الوثيقة” بين البلدين في رسالة إلى بوتين بمناسبة اليوم الوطني لروسيا في 12 يونيو.
وقال “كيم”، بحسب صحيفة “رودونج سينمون” الرسمية، إن “شعبنا يقدم الدعم والتضامن الكاملين للعمل الناجح الذي يقوم به الجيش والشعب الروسي”.
وقال الكرملين، إن روسيا تأمل في بناء شراكة مع كوريا الشمالية “في جميع المجالات الممكنة”، بحسب وسائل الإعلام الرسمية الروسية.
قمة مجموعة السبع
ويأتي الاجتماع بعد أيام فقط من قمة مجموعة السبع للاقتصادات المتقدمة في إيطاليا التي حضرها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث أكد القادة الغربيون دعمهم الدائم لأوكرانيا واتفقوا على استخدام أرباح الأصول الروسية المجمدة لدعم 50 مليار دولار قرضًا للبلد الذي مزقته الحرب.
ويأتي ذلك أيضًا في أعقاب قمة السلام الدولية التي دعمتها كييف خلال عطلة نهاية الأسبوع وحضرتها أكثر من 100 دولة ومنظمة، التي كانت تهدف إلى حشد الدعم لرؤية زيلينسكي للسلام، والتي تدعو إلى انسحاب كامل للقوات الروسية من الأراضي الأوكرانية.
وطرح بوتين عرضًا للسلام في أوكرانيا، واشترط انسحاب القوات الأوكرانية من أربع مناطق محتلة جزئيًا وأن تسحب كييف محاولتها الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وهو الموقف الذي تعتبره أوكرانيا وحلفاؤها غير موفق.
واعتبرت “سي. إن. إن” زيارة بوتين إلى كوريا الشمالية فرصة بالنسبة له للسعي إلى تعزيز دعم كيم للحرب في أوكرانيا، وهو الهدف الذي قد يصبح ملحًا على نحو متزايد مع وصول المساعدات العسكرية الأمريكية التي تأخرت طويلًا لأوكرانيا.
وفي الشهر الماضي، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن للمشرّعين الأمريكيين إن توفير الذخائر والصواريخ الكورية الشمالية، فضلًا عن الطائرات بدون طيار الإيرانية، سمح للقوات الروسية “بالوقوف على أقدامها مرة أخرى”.
موسكو وبيونج يانج ينفيان عمليات نقل الأسلحة
وسبق أن ذكرت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية، أنه في الفترة بين أغسطس وفبراير، شحنت بيونج يانج حوالي 6700 حاوية إلى روسيا، والتي يمكن أن تستوعب أكثر من 3 ملايين طلقة من قذائف المدفعية عيار 152 ملم أو أكثر من 500 ألف طلقة من قاذفات الصواريخ المتعددة عيار 122 ملم.
ونفت كل من موسكو وبيونج يانج عمليات نقل الأسلحة هذه، حيث وصف مسؤول كوري شمالي كبير الشهر الماضي مثل هذه الادعاءات بأنها “مفارقة سخيفة”.
وعندما سُئل عن المخاوف من أن روسيا تدرس نقل تقنيات حساسة إلى بيونج يانج مقابل تلك السلع، قال متحدث باسم الكرملين الأسبوع الماضي، إن “إمكانات البلدين لتطوير العلاقات الثنائية” كانت “عميقة” و”لا ينبغي أن تسبب قلقًا لأي شخص. لا ينبغي ولا يمكن لأحد أن يتعرضها”.
وبحسب سيرجي ماركوف، أستاذ العلوم السياسية والمؤيد لبوتين، يُرجح أن روسيا تريد الحصول على ذخيرة وأعمال بناء وحتى متطوعين بغية القتال في الجبهات الأمامية في أوكرانيا.
ويضيف ماركوف قائلًا، إن بيونج يانج قد تحصل على منتجات روسية، فضلًا عن الحصول على مساعدة تكنولوجية لتحقيق أهداف عسكرية، بما في ذلك برنامجها الصاروخي طويل المدى، لتكون على مسافة قريبة من ضرب الولايات المتحدة.
كانت آخر زيارة لبوتين إلى كوريا الشمالية في عام 2000، عندما التقى بسلف كيم ووالده الراحل كيم جونج إيل.