صالح سليم.. اسمه وحده يكفي أن يحتذي به في الجامعات عندما يدرسون علم الإدارة، فبالرغم من وفاته في صباح يوم 6 مايو عام 2002 عن عمر يناهز 72 عاماً، إلا أنه مازال حاضرًا بيننا بذكراه العطرة و مازالت تتغنى باسمه جماهير النادي الأهلي وتعتبره «الأب الروحي» وتطلق عليه «الأسطورة الخالدة».
نعم يستحق صالح سليم لقب «المايسترو».. فهو الشخصية القيادية، التي لا تتكرر كثيرًا، فيعد المايسترو أبرز الأساطير الكروية والإدارية في مصر،
فعندما تسأل جماهير النادي الأهلي من هو رمز القلعة الحمراء الذي يعشقه الجمهور مهما كانت الأعمار السنية؟.. لاتأتي أجابة إلا بـ صالح سليم أحد أبرز رؤساء النادي الأهلي على مر العصور، حيث اعتبره الكثيرون وأنا منهم المثل الأعلى، والقدوة في كيفية تطبيق النظام بعمله في الإدارة العلمية المحترمة والمحترفة سواء في النادي الأهلي أو حياته الشخصية.
بالرغم من حرصي طوال السنوات الماضية على أن يكون انتمائى الشخصى بعيداً تماماً عن قلمى.. ودربت نفسى على ضبط انفعالاتى أثناء المباريات لدرجة أنه من الصعب على أى شخص أن يحدد انتمائى الذى لا يظهر إلا فى بيتى وبين أفراد أسرتى.. أما فى عملى فهذا الانتماء لا تأثير له على الإطلاق ولكن حبي الشديد لشخصية صالح سليم جعلني أبحث عن العديد من الأرسرار و الجوانب الخفية في حياة المايسترو، والتي لا يعرفها الكثيرون، سواء في حياته الشخصية أو خلال تواجده كلاعب ثم مديرًا للكرة ثم رئيسًا للنادي الأهلي، وسأحاول رصد جزء منها.
الراحل صالح سليم رئيس النادي الأهلي أبرز الأساطير الكروية والإدارية في مصر، أول من أطلق شعار «الأهلي فوق الجميع» خلال انتخابات القلعة الحمراء .
«نادي القرن»
صالح سليم اسم كانت ومازالت تتغنى به جماهير النادي الأهلي، ونال أيضًا احترام جمهور المنافسين، فيعتبر أحد رواد كرة القدم المصرية والعربية، وقائد ثورة التطوير الحديثة في القلعة الحمراء، لدرجة جعلت النادي الأهلي يتوج بلقب «نادي القرن» في إفريقيا.
صالح سليم من العائلة الهاشمية
تمر اليوم الإثنين الذكرى الـ 22 على وفاة المايسترو صالح سليم رئيس النادي الأهلي الراحل وأبرز الأساطير الكروية والإدارية في مصر، حيث ولد سليم في 11 سبتمبر 1930، ووالده هو الدكتور محمد سليم، ووالدته هي السيدة زين الشرف التي تنتسب للعائلة الهاشمية حيث كان والدها من أشراف مكة المكرمة قبل انتقاله للعيش في تركيا ومنها إلى مصر، و يرجع نسب الهاشميين (وهم العائلة الحاكمة في الأردن حالياً) إلى هاشم بن عبد مناف الجد الأكبر للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
تعرف والد صالح سليم على والدته عندما كان يجري لها عملية جراحية خلال إقامتها مع عائلتها في مصر وتزوجها وأنجبا ثلاثة ذكور كان صالح هو الأكبر، ومن بعده عبد الوهاب وطارق سليم.
البداية
عشق صالح سليم رياضة كرة القدم منذ نعومة أظافره، فكان دائما ما يمارس هوايته مع أطفال حيه في شارع عكاشة بالدقي، حين بدأ هذا الطفل الذي جاء للدنيا في 11 سبتمبر عام 1930، يلعب الكرة في فريق شارع عكاشة بجوار كشك «عم عبده»، قبل أن يصبح لاعبًا بفريق مدرسة الأورمان، بعد أن نجح في اختبار أجراه له عزيز أفندي مدرس التربية الرياضية، ثم لاعب بفريق مدرسة السعدية الثانوية لتلتقطه أعين حسين كامل، أحد كشافي الأهلي، واصطحبه للقلعة الحمراء لتبدأ هناك قصة حب من نوع خاص.
أول مباراة لـ صالح سليم في الأهلي
ونجح صالح في إثبات وجوده وموهبته، حتى تم تصعيده إلى الفريق الأول وهو في الـ17 من عمره، خاض أول مباراة له مع الفريق الأول للأهلي أمام المصري عام 1948، وفاز الفريق وقتها بهدفين مقابل هدف واحد وأحرز صالح سليم هدف الفوز.
أما المباراة الرسمية الأولى، فكانت أمام يونان الإسكندرية في الأسبوع الثالث لبطولة الدوري موسم 1948 وفاز الأهلي بهدفين.
لا نستطيع أن نصف مدى العشق بين صالح سليم وبين جماهير القلعة الحمراء، واحترام الجميع له، كما أن جماهير نادى الزمالك والذي يعد الغريم التقليدى، تحترمه أيضا وتقدر نجاحه في فن الإدارة فهو رجلاً يجيد لغة الإدارة، وكأنه ولد قائدًا .
«المايسترو» الذى نجح أن يكون إحدى العلامات البارزة فى تاريخ الأهلى والكرة المصرية على مدى أكثر من نصف قرن قضاها بين جدران «البيت الأحمر» فقد أرثى معانى المبادئ والإخلاص والعطاء واتخاذ القرارات الحاسمة.
إيقاف 16 لاعبًا
جماهير الأهلي لن تنسى القرار التاريخي لـصالح سليم عام 1985، بإيقاف 16 لاعبًا بالفريق عن خوض المباريات، وتصعيد 20 لاعبًا من قطاع الناشئين بالنادي، قبل مباراة نادى الزمالك، ليحقق الأهلي الفوز بنتيجة 3/2 ويحافظ على مبادئ القلعة الحمراء بعد تمرد عدد كبير من اللاعبين.
الجلوس بجانب رئيس الجمهورية
أثناء البطولة العربية قرر الرئيس محمد حسني مبارك حضور النهائي بين الأهلي والشباب السعودي وعقب توجه صالح سليم لاستقباله فوجىء بان المقعد المخصص له فى الصف الخلفى لرئيس الجمهورية، وعبدالمنعم عمارة رئيس المجلس اﻷعلى للشباب والرياضة، وعثمان السعد اﻷمين العام للاتحاد العربى لكرة القدم، ولكن رفض صالح سليم هذا التصرف وغادر اﻻستاد فى تصرف صادم للمسئولين عن تنظيم اللقاء، وعلم المسئولون عن مؤسسة رئاسة الجمهورية بمغادرة صالح سليم حيث علل وقتها أن رئيس الأهلي يجب أن يتواجد في المقدمة وفور علم مبارك بالامر أمر بحل الأزمة ليتم اﻻتصال بصالح بشكل سريع ليعود للاستاد مرة أخرى ويجلس بجوار رئيس الجمهورية.
صالح سليم يرفض قرار الوزير
وقف صالح سليم، رئيس النادى الأهلي، فى وجه الدكتور عبدالمنعم عمارة رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، عندما أصدر الأخير قرارًا بمنع أي سيارة لأي رئيس نادٍ أو أعضاء مجلس إدارته من دخول استاد القاهرة، فى الوقت الذى سمح فيه بدخول سيارات الوزراء فقط، ليمتثل كل رؤساء الأندية عدا صالح سليم الذي رفض القرار مقررًا عدم حضور أي مباراة في استاد القاهرة حتى تلك التي كان يحضرها وزير الرياضة نفسه، وعند استعلام الوزارة عن سر موقف “سليم” أرسل لهم برقية مقتضبة كتب فيها: “الوزير هو ضيف للنادي صاحب المباراة، فكيف يمنع الضيف صاحب البيت؟”
الصدام مع مبارك و إبراهيم نافع
فى عام 2002 وقبل وفاة صالح سليم بشهور قليلة كانت مصر مع حادث حزين عندما شهدت البلاد حادثة قطار الصعيد وحينها اتفق حسنى مبارك رئيس الجمهورية حينذاك مع إبراهيم نافع، رئيس مجلس إدارة الأهرام في ذلك الوقت، على إقامة مباراة بين الأهلي والزمالك لصالح ضحايا الحادث.
وكانت المفاجأة رفض صالح سليم إقامة المباراة، والسبب هو عدم إبلاغه وأخذ رأيه، وتم الإعلان عن المباراة ونشر الخبر في جريدة الأهرام ووقتها عرف “صالح” الخبر فرفض إقامة المباراة.
ووصلت تهديدات إلى “صالح” من رئاسة الجمهورية فكان رد رئيس الأهلي :”لو حسني مبارك مصمم يلعب هذه المباراة يكلف 11 موظفًا من رئاسة الجمهورية للعب أمام الزمالك، ولو أصر إبراهيم نافع على إقامتها يأتي بـ 11 صحفيًا من الأهرام للعب أمام الزمالك، طول ما صالح سليم عايش الأهلي مش هيلعب هذه المباراة”.
الاجتماع مع المشير.. وحبه لصالح
صالح سليم كان يكره معسكرات منتخب مصر التى تقام داخل معسكرات الجيش.. فكان يرى أن نجوم الكرة المصرية يتحولون إلى أسرى حرب فى تلك المعسكرات.
وفى الوقت الذى كان يخاف الجميع من المشير عبدالحكيم عامر – أقوى رجل فى مصر وقتها- شريك جمال عبدالناصر فى الحكم والقائد العام للقوات المسلحة ورئيس اتحاد الكرة.. وفى أحد هذه المعسكرات التى تقرر إقامتها فى ليمان طرة.. رحل صالح عن المعسكر.. وتطور الأمر واشتكى حسين مدكور، مدير المنتخب حينذاك من تصرف صالح للمشير.. فتم استدعاء صالح للقاء المشير عامر فى مكتبه.. ووجه المشير سؤالًا للمايسترو قائلا له: لماذا لا يضحى صالح سليم من أجل مصر ومنتخب مصر؟.. فحاول صالح سليم أن يتهرب من الإجابة بشكل صريح وأن يقول حقيقة أنه يكره المعسكرات داخل الجيش وأن يتم التعامل مع لاعبي الكرة وكأنهم أسرى حرب لدى بعض الضباط، فقال صالح للمشير إنه يلعب كل المباريات الدولية مع المنتخب.. ولكنه أيضا يلعب للنادى الأهلى ولجامعة القاهرة.. وهو موظف فى بنك الإسكندرية.. وإلى جانب ذلك كله هو رجل متزوج.. ولزوجته حقوق كثيرة مثل أى زوجة فى العالم..
فقال المشير لصالح إن أفضل الحلول هو أن يترك وظيفته فى بنك الإسكندرية.. ولم يقبل صالح لأنها كانت وظيفة تدر عليه 23 جنيها كل شهر.. فضحك المشير وقال لصالح إنه سيقوم بتعيينه ضابطا فى الجيش وسيتقاضى من الجيش أكثر من 23 جنيها كل شهر.. ورفض صالح أن يكون ضابطا فى الجيش.
وتساءل المشير فى دهشة واستياء.. ما لهم بقى الضباط؟.. فقال صالح إنه لا يحب الأوامر ولا يحب أن يأتى ضابط أقدم منه بساعة ليعطيه الأوامر.. فعاد المشير للضحك وظهر في موقفه أنه يحب صالح سليم النجم الكروي صاحب الشخصية القيادية الذي يمتلك الكاريزما، وقال لصالح إنه سيعينه فى الشئون المعنوية بـ25 جنيها فى الشهر، وسيعينه أيضا فى هيئة قناة السويس دون أن يكون مطالبا بأى أعباء وظيفية وأن يعتبر أنه سيتقاضى مرتبا من الجيش والهيئة مقابل اللعب لمنتخب مصر والانتظام فى معسكرات المنتخب، ووافق صالح وأصبح يعمل فى الشئون المعنوية وفى هيئة قناة السويس.. لكنه بعد تسعة أشهر صدر قانون عدم الجمع بين وظيفتين.. فترك صالح الجيش وأصبح موظفا فى الهيئة.
قطعة شاش على وجه صالح سليم
ظهر صالح سليم في مباراة النادي الأهلي مع فريق الردستار عام 1959، وعلى وجه قطعة شاش صغيرة وقليل من المتفرجين لاحظوا هذه القطعة، فهي تخفي وراءها قصة مثيرة كانت حديث المجتمع والأندية في هذا الوقت.
دعى الروسي “مسيو ميللو” الذي كان يقيم في منزل أثري يسمى “بيت الفن”، كابتن “صالح سليم” لحضور حفل شرقي في منزله، وحدثت المفاجأة عند دخوله وهو بداية “حفل زار” مما أدى إلى غضب سليم وتركه للمكان على الفور.
وحدثت مشادة بين صالح سليم والبارمان، وأراد أن يتدخل مهندس الأثاث “فاظلو” وثار صالح عليه ثم تقدم أحد مشايخ الزار وقامت مشاجرة أدت إلى إصابة صالح.
ووجد فاظلوا الدم على يديه فصرخ وقال “خلاص دبحوني”، ثم تبين أنه لم يذبح وأن دماء صالح سليم سقطت عليه، وحدث هرج ومرج وأسرع صالح يعدو إلى الخارج.
وكانت هناك سيدة على أول البيت رأت صالح والفتوات من بعيد فأسرعت تطلب من الموجودين في الزار بان يسرعوا ويخرجوا وينجوا بأنفسهم، وصرخت السيدات وأسرع الحاضرون يغادرون المكان بسرعة وينجون بحياتهم.
وبعد ذلك وصل الفتوات ولم يجدوا أحد، وأسرع صاحب البيت يقدم اعتذاره لصالح وقبل الاعتذار، ونزل صالح يتقدمه الفتوات، ووصل النبأ إلى الأندية والصالونات، وقيل أن السيدات اللاتي حضرن الزار شفين نهائيًا من العفاريت.
وكان هذا كله سر قطعة القماش الملصقة في وجه صالح سليم في هذه المباراة والتي لم يلاحظها الكثير.
تهديدات بالقتل
“خرجت شائعة عام 1966 تؤكد أن صالح سليم سينتقل للعب للترسانة. وبدأ الناس وكثير من الصحفيين وقتها يتخيلون شكل الترسانة وقوة فريقها إذا انتقل إليها صالح سليم ليلعب بجوار بدوي عبد الفتاح والشاذلي ومصطفى رياض”.
“ولأنها كانت إشاعة فلم يهتم صالح سليم. ولكن الناس بدأت في تصديق تلك الأخبار”.
“تلقى صالح سليم تهديدات بالقتل من بعض جماهير الأهلي. وكان هذا لم يسبب الضيق لصالح”.
“الوجع الحقيقي الذي عاني منه صالح وقتها، ليس التهديد بالقتل وإنما أن يتخيل بعضهم وأن يصدقوا أن صالح سليم ممكن أن يترك الأهلي لأى سبب”.
صالح سليم الفنان
ارتبط نجوم الرياضة بالفن نظراً لتحقيق الاثنان شهرة واسعة، لكن قلما نجح لاعب كرة فى مجال الفن والسينما، ونظرًا لامتلاك المايسترو صالح سليم وجه سينمائي وسيم، أهله للعب دور البطولة في أفلام سينمائية، برع في أداءها، ونال عنها إعجاب كثيرين.
ويعد أسطورة الأهلى في فترة الستينيات “صالح سليم” أبرز الرياضيين فى تاريخ مصر الذين نجحوا فى عالم السينما بدوره فى فيلم “الشموع السوداء” الذى شهد على موهبته الفنية، ولكنه تعرض لنقد شديد من أصحاب الأقلام السواء نقاد أو سينمائيين مما جعله يرفض استكمال مشواره في السينما مكتفياً بـ3 أفلام فقط هم “السبع بنات، الباب المفتوح، الشموع السوداء”.
البداية عن طريق أحمد رمزي
كانت الجماهير تهتف بإسم صالح سليم في مدرجات ملاعب الكرة، ولكن لم يتوقع أحد أن ينال “صالح” كل هذا الإعجاب من الجماهير قبل النقاد على أداءه في أفلامه وتحديدًا ” الشموع السوداء”. ولكن كانت البداية في فيلم «السبع بنات»، أمام الجميلات نادية لطفى، وسعاد حسني، وزيزي البدراوي، ومن إخراج عاطف سالم، وأدى فى الفيلم دور “نبيل” الشاب الرياضى الخلوق، وكان الترشيح للفيلم من الفنان أحمد رمزى الذى كانت تجمعه معه صداقة قوية، ليكون أيضاً ” رمزى ” هو السبب فى صداقة صالح سليم و الفنان عمر الشريف، ليبدأ صالح مشواره الفنى بعد اقناع المنتج حلمى رفلة للمخرج عاطف سالم بلاعب الكرة صالح سليم من أجل الاستفادة من شعبيته الطاغية.
50 جنيه عربون لصالح سليم عن فيلم «السبع بنات»
وقع «صالح» على عقد فيلمه الأول، الذي لم يفهم من بنوده شيئًا، كما ذكر الكاتب سلامة مجاهد في كتابه «صالح سليم.. أبيض وأسود»، وتسلم «عربون» فيلم «السبع بنات» بقيمة 50 جنيهًا من أصل 150 جنيهًا كان أجره عن الدور، ثم بدأ التصوير السينمائي ووقف للمرة الأولى أمام عدسات الكاميرا هذه المرة بطلًا سينمائيًا لا كرويًا، ثم بدأت متطلبات السينما ومقتضياتها تفرض ثوابتها على «صالح» حين طُلب منه أن يدخل غرفة المكياج فرفض، لكن فريق العمل أصر فاستسلم ثم أعلن أنه نظر في المرآة فلم يعرف نفسه.
اسم صالح سليم على الأفيش
كانت تلك بداية «صالح» في السينما في دور بسيط ظهر فيه كضيف شرف، وكُتب اسمه على «الأفيش» بصيغة: «ولأول مرة لاعب الكرة الدولي، صالح سليم»، وكان «صالح» في أول فيلم له كالجميع، حتى الذين أصبحوا فيما بعد فنانين مصر الأوائل، قلقًا ومتوترًا، وربما ساعد ظهوره كضيف شرف في أن يمر خفيفًا هادئًا على الجمهور منذ اللحظة الأولى.
تجربة فاشلة
لم ينال صالح سليم، إعجاب عدد كبير من النقاد السينمائيين وتوجهت له سهام النقد على دوره في الفيلم الأول له، ورأى البعض أنه «دخيل» على المهنة، في حين أعرب نقاد رياضيون عن قلقم إزاء توجه لاعب الكرة المشهور إلى السينما التي ربما تشده إليها وتنسيه «الساحرة المستديرة»، أما «صالح» فلم يكن هذا أو ذاك بل كان أكثر حزمًا من الرأيين ورأى أن تلك التجربة «فاشلة».. قولًا واحدًا.
ذو الفقار يعيد اكتشاف صالح وأجره يزيد لـ 300 جنيه
كان للمخرج العبقرى، عزالدين ذوالفقار، دوراً كبيراً فى إعادة صالح سليم للسينما مرة أخرى بفيلمه ” الشموع السوداء”، لكن كبطل يقدم الدور الأول أمام نجمة الغناء، المطربة نجاة الصغيرة، وأكد ذو الفقار لصالح أنه يحتاج فقط عدة دورات تدريبية في التمثيل والإلقاء، وبالفعل درب ذو الفقار ، نجم الأهلي على التمثيل ليؤدى أفضل أدواره السينمائية والذى ارتفع أجره فيه لـ 300 جنيهًا.
ترك الفيلم غاضبًا وذو الفقار كان يسترضيه حتى يستكمل التصوير
كان يعرف في كل الأوساط الرياضية و غيرها أن صالح سليم رجل يلتزم بالمواعيد ويعرف كيف يكون مثالًا يحتذى به، أما العاملون في السينما فربما لا تعنيهم المواعيد كثيرًا، وهو ما أغضب «صالح» بشدة لدرجة أنه قرر ترك الفيلم خلال التصوير والذهاب إلى الإسكندرية، ولكن وفقًا لرواية «مجاهد» في كتابه، فإن «ذوالفقار» ظل يطارده ويرسل له مساعديه إلى باب البيت والنادي، وظل يسترضيه حتى يوافق على استكمال تصوير الفيلم.
كان يشتكي من نجاة الصغيرة
كانت شكوى «صالح» غريبة للغاية، فهو بجانب شكواه المستمرة من عدم احترام المواعيد إلا أنه كان متضررًا إلى حد كبير من صوت «نجاة» المنخفض، ومن كثرة طلبات إعادة التصوير في كل مشهد، وغيرها من الأمور السينمائية البحتة التي لم يحبها «صالح».
منديل عم رجب
وعندما سئُل صالح سليم في ندوة أقيمت بنادي سبورتنج بالإسكندرية عن كيفية إقناعه للجمهور بدوره كـ “كفيف”، وعن عشقه بكبرياء عندما وقع في الحب، فأجاب صالح سليم أن كلمة السر تكمن في عم رجب؛ حيث اقترح عليه عم رجب أنه سيقف وراء الكاميرا في نقطة معينة بمنديل أبيض، وعلى صالح سليم التركيز على المنديل الأبيض أثناء تأديته الدور، مما ساعده على التركيز، وإتقان الدور.
من أجل فاتن حمامة فقط
في عام 1963 جاءت التجربة الثالثة لصالح سليم مع السينما وفيلمه “الباب المفتوح” وبالرغم من نجاح فيلمه الثانى “الشموع السوداء” إلا أنه كان رافضاً تكرار التجربة ولكن جاءت موافقته من أجل فاتن حمامة.
عدم استكمال مشوار صالح بالسينما بسبب «لويس»
رفض صالح استكمال مشواره فى السينما وكان رأى الكاتب الصحفى الكبير لويس جريس، سبباً رئيسياً فى عدم استكمال المايسترو مشواره السينمائى، حيث كان من أشد منتقديه، إذ كتب بعد عرض فيلم ” الشموع السوداء” مباشرة يقول: «نجم الكرة اللامع أصابته الخيبة في مجال السينما، المسكين جذبته الأضواء حتي صرعته وتركته للجمهور، والذى استرعى انتباهى ليلة الافتتاح، أن الجمهور من معجبيه الكرويين، لم يحاسبه علي هفوته، بل استقبله بالهتاف والتصفيق، ولكنهم همسوا لبعضهم بأنه “ممثل فاشل”. ولعل الكثيرين من أصدقائه سينصحونه بالابتعاد عن السينما، لأنه لا يصلح لها، وكفاه أنه لُدغ من جحر واحد مرتين. ولذلك عمل المايسترو بنصيحة لويس جريس وترك التمثيل السينمائى.
لم يفقد صالح سليم ثباته وعزيمته في مواجهة المرض، ولم ييأس حين وجهت له تهم الإهمال، بل فضل عدم الإفصاح عن مرضه للرأي العام لاعتقاده أن مرضه “شيء يخصه وحده”، ورحل عن عالمنا يوم السادس من مايو عام 2002 عن عمر يناهز 72 عاماً، وشيع جثمانه مئات الآلاف من المصريين. رحم الله المايسترو صالح سليم النموذج الذي نحتذي به دائمًا في تطبيق المبادئ والإدارة المحترفة.