حوار مثير وشيق أجراه محمد عبد الرحمن مع مساعد حزب الأمة القومي والأمين العام لتنسيقية تقدم السيد الصديق الصادق المهدي، هاجم فيه بعض الأطراف كما تحدث بإستفاضة عن إعلان أديس الموقع بين تقدم والدعم السريع.
_ السيد الصديق حاولتم بشدة دفع الطرفين للتفاوض وفشلت هذة المساعي ما هي الخطوة المقبلة التي يجب القيام بها لإنقاذ حياة السودانيين؟
بعد فشل مساعي الطرفين للتفاوض في المحطات المختلفة ابتداء من جدة ومرورا بالإيغاد والمنامة وسويسرا لإيقاف الحرب. سعينا من جانبنا أولا لتكوين المنسقية نفسها (تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) لتجمع أوسع كيان مدني بمكوناته المختلفة السياسية وغير السياسية، الحديثة والتقليدية، والمكونات من داخل وخارج السودان، هذا الكيان الواسع كُوِّن لمخاطبة قضية وقف الحرب وأولوياتها تركز على وقف العدائيات وتوصيل المساعدات الإنسانية،
الخطوة الثانية هي السعي لتوحيد كل القوى السياسية الموجودة في الساحة التي تدعو وتؤمن بإيقاف الحرب. وجود صوت مدني موحد ضد الحرب أولا يؤثر في الرأي العام لعزل خطاب تأجيج الحرب لأن هناك مع الأسف دعاة حرب؛ ولذلك نريد القيام بتعبئة واسعة في الرأي العام ليكون الخطاب الموحد في اتجاه ضرورة تحقيق السلام وفتح المجال لوقف العدائيات وتوصيل المساعدات الإنسانية.
وفيما يلي هذا العمل هناك خطوات عملية قمنا بها وهي: المشاركة في مؤتمر القاهرة الذي انعقد في يوليو، وجمع ممثلي تقدم وممثلي قوى ميثاق السودان، ثم اجتماع الاتحاد الإفريقي في أغسطس لذات الهدف للتوسيع والترتيبات مع الاتحاد الإفريقي نفسه، والإيغاد، ثم بعد ذلك ورشة نيروبي التي انعقدت قبل حوالي أسبوعين، وضمت أطرافا عديدة أوسع من تقدم بنت على المجهودات السابقة، وتم خلالها تفاهمات ممتازة وتقريباً لوجهات النظر وسمعنا من أطراف عديدة لغة جديدة فيها تقارب، وفيها تقدير للمسؤولية الوطنية ولغة مبشرة جدا. وهنا أريد الإشارة إلى أن مؤتمر القاهرة كان هو أول لقاء يجمع بين تقدم بتمثيلها الواسع مع ممثلي قوى ميثاق السودان؛ وبالتالي المجهودات التي تبعت للمزيد من التوسعة وضم الآخرين.
وفيما يلي الأعمال الأخرى التي تقوم بها القوة المدنية؛ قرارنا التواصل مع طرفي الحرب، وكنا وقعنا إعلان أديس أبابا مع الدعم السريع وبالنسبة للتواصل مع القوات المسلحة وقيادتها نحن وجدنا موافقة مبدئية في البداية، ولكن لم يكن هناك تجاوب في تحديد مواعيد وحاجة عملية من أجل أن يستمر الكلام لقدام وطبعا كانت هناك أيضا رسائل سالبة وصلت قررنا التغاضي عنها والتواصل بالطريقة المباشرة وعبر الوساطات للتوصل لمخاطبة جميع الأطراف المعنية بالحرب لتحقيق أهداف وأجندة السودانيين، وليس لدينا غرض خاص من هذا الكلام. كذلك نعمل على التواصل مع المجتمع الإقليمي والدولي والمنظمات؛ دول جوار السودان ودول الإقليم. وهم طبعا يؤثرون في قضية إيقاف الحرب في السودان والمساهمة بالمساعدات لذلك نحن نتحدث معهم جميعا في هذه القضايا؛ لأنها في النهاية تهم السودانيين ومعنية بالحفاظ على حياتهم وإيقاف هذه الحرب اللعينة
سيد صديق منذ حكومة عبد الله حمدوك إنفتحت قوى الحرية والتغير بشكل كبير علي المجتمع الدولي لكن لانرى أثر تلك العلاقات الجيدة الأن بحكم أن لم يتم إتخاذ أي إجرائات دولية حقيقية لإنهاء الحرب ماتعليقك؟
هناك حراك كبير جدا داخلي وإقليمي ودولي يستهدف إنهاء الحرب ووقف العدائيات وتوصيل المساعدات، بدءا من مبادرة جدة، وهي كانت أحدثت اختراقا كبيرا في البداية، لكنه لم يستمر مع الأسف، وتمكنت من جمع طرفي الحرب قبل انقضاء الشهر الأول على اندلاعها، وكانت تركز على حماية المدنيين ووقف العدائيات والمساعدات الإنسانية، وقامت بعمل هدنات محدودة، وحدثت فيها اختراقات.
بعد ذلك كان هناك مسعى الإيغاد والاتحاد الإفريقي؛ وطبعا ميزة الاتحاد الأفريقي أنه مفوض من المجتمع الدولي للعمل من أجل إيقاف الحرب في السودان واجتماع الإيغاد استهدف جمع قائدي الجيش والدعم السريع، وفشلت المساعي للأسف.
ومن بعد ذلك كان هناك لقاء المنامة؛ الأطراف فيه طرفا الحرب إلى جانب دولة الإمارات ومصر وحضور السعودية وأمريكا واستضافة البحرين، وكان هناك مشروع للاتفاق لم يتواصل حدث موقف من جانب القوات المسلحة، بعد ذلك أتى مجهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة العمامرة الذي جمع ممثلي الطرفين في سويسرا، واستهدف حماية المدنيين وتوصيل المساعدات الإنسانية، وكان قد تحدث عن التزام أحد الطرفين، وفي إشارته يقصد الدعم السريع، وهو يعتبر في تصريحه أن الاجتماع نفسه كان خطوة للأمام، لكن من جانب الدعم السريع الذي التزم نطلب أن تخرج هذه الالتزامات من الورق للأرض بحيث يحدث التزام فعلي، ويعيشه الناس واقعاً في حياتهم، هذا مطلوب طبعا وضروري، حتى لا تكون التزامات بلا معنى.
الاتحاد الإفريقي كذلك مجلس السلم والأمن الأفريقي فوض رؤساء الدول الخمسة بقيادة يوغندا لجمع الطرفين، وهذه الخطوة مساعيها مازالت تعمل للوصول لهذا الهدف. هناك أيضا مسعى وزير الخارجية الأمريكي دعا الطرفين في سويسرا الهدف كان حماية المدنيين ووقف العدائيات وتوصيل المساعدات كذلك حضر الدعم السريع هذا الاجتماع وتخلف الجيش السوداني، ولم يستجب للتواصل الأمريكي المباشر ولا للوساطة المصرية. هذه مساعي عديدة وجادة، وتعكس اهتماماً كبيراً وحقيقياً إقليمياً ودولياً بقضية إيقاف الحرب في السودان طبعا هي لم تنتهي وما زالت مستمرة، المجهودات الخارجية بالضرورة تساعد، لكن بالطبع إيقاف الحرب يتطلب موقفا داخليا موحدا وإرادة وجدية من الطرفين والموقف العام الداخلي الموحد هذا ما نعمل من أجل الوصول إليه
صرح السيد عمر الدقير قبل ثلاث أيام بجاهزيتة للذهاب إلي بورتسودان للقاء البرهان هل موقفة هذا ينطبق علي جميع أجسام تقدم؟
للإجابة أقول تقدم منذ تأسيسها هي أصلا مؤسسة للعمل على إيقاف الحرب وتحقيق السلام؛ ولذلك كل أجسام وقيادات تقدم تفعل ما في الوسع لتحقيق هذا الهدف؛ وبالتالي تتحلى بكل الانفتاح والمرونة من أجل الوصول لهذا الهدف وهو هدف الشعب السوداني الآن إيقاف هذه الحرب اللعينة.
فيما يلي السؤال المباشر عن الاستعداد؛ أولا نحن في تقدم بعد القيام بخارطة الطريق وإعلان المبادئ منذ فترة في ديسمبر الماضي قدمنا طلبا رسميا للقاء قائد عام الجيش وقائد الدعم السريع، القائد العام للجيش لم يرفض البرهان لم يرفض لقائنا ولكننا، ولكن بعد ذلك رغما عن عدم الرفض رأينا من آلية العمل السياسي في بورتسودان سلسلة اتهامات وتصعيد كبير وتحميل للمدنيين وتقدم مسؤولية الحرب واستمرارها زورا وبهتانا للأسف كلما لاحت فرصة لأي عمل لإيقاف الحرب ولأي مؤشر من مؤشرات التقدم والتواصل تلوح في الأفق تتحرك الآلة الحزبية للمؤتمر الوطني لقفل الطريق على ذلك وللأسف تتبنى القيادات العسكرية هذا الكلام وتردده بعدهم وهذا مؤسف. طبعا القضية بالتالي القضية ليست في مسألة الذهاب إلى بورتسودان من عدمه؛ لأنه يرتبط بأن يكون هناك استعداد ومؤشر إيجابي من الطرف في بورتسودان المتمثل في قيادة الجيش؛ لأنه لننتظر منه نتيجة مجدية ينتظرها الشعب السوداني، وإذا لم يكن هناك تجاوبا من طرف الجيش ستسبب إحباطا للشعب السوداني الذي يربط آمالا وتوقعات بهكذا لقاء، مثلما حدث من ارتفاع سقف التوقعات وعندما لم تحدث استجابة من الجيش شعر السودانيون بإحباط شديد.
القوات المسلحة تثبت دوما أن المبادرات المدنية الداخلية بتاعت السودانيين لا تعيرها اهتماما كبيرا وحتى عندما أتت الدعوة لسويسرا مع أنه الهدف كان توصيل المساعدات وحماية المدنيين ووقف العدائيات وجوانب كلها من مطلوبات الشعب السوداني الملحة جدا جدا، الحديث أنه قيادة القوات المسلحة ستتواصل مع الوساطة الأمريكية يكشف عن تعويل أكبر وتقدير أكبر للدور الأجنبي هذا هو المؤشر وأيضا لم تحدث له استجابة.
على أي حال من جانبنا كل شيء لديه فرصة لتحقيق تطلعات الشعب السوداني في وقف العدائيات ووقف الحرب وتوصيل المساعدات وتخفيف وطأة المعاناة الحالية نحن لن نقصر فيه، ولن نتهاون في هكذا عملاً.
دائما ماوصفكم قائد الجيش البرهان بأنكم الجناح السياسي للدعم السريع في رأيك ما الذي يدفع البرهان ليصرح بهذا الإتهام ؟
الاتهام من البرهان لتقدم، أولا لا بد من الإشارة إلى تسلسل العلاقة بين الجيش والدعم السريع التي كما وصفها قائد الجيش علاقة رحمية. إن الدعم السريع خرج من رحم القوات المسلحة شرعنها، وقننها المؤتمر الوطني، وأجيز قانون الدعم السريع في المجلس الوطني، وهذه العلاقة أصلا استخدمت ضد المواطنين وضد القوى المدنية وضد ثورة ديسمبر.
الطرفان، الجيش والدعم السريع بعد ذلك ابعدوا البشير، وانحازوا لثورة ديسمبر وهذا الانحياز أدى إلى رفع القادة الذين يتحاربون الآن إلى مقعد القيادة، ثم بعد ذلك اشتركوا في فض الاعتصام بالوحشية التي حدثت. وبعد ذلك حدثت الشراكة في الانتقال مع القوى المدنية وقوى الحرية والتغيير، ثم انقلبوا على المشروع المدني، وعلى الثورة مشتركين في انقلاب 25 أكتوبر 2021.
بعد الانقلاب شاركت قوى الحرية والتغيير في دستور تسييرية المحامين، وهذا كان مشروعا مدنيا صرفا بنقاشات كثيرة تطور للاتفاق الإطاري وهو اتفاق بين المكونات السياسية والمدنية التي كانت طرفا فيه وقع عليه الطرفان قائد الجيش وقائد الدعم السريع.
بعد ذلك قامت الحرب وطرحت تقدم خارطة طريق وإعلان مبادئ هو مشروع مدني كامل الدسم قبل، ووقع عليه الدعم السريع في إعلان أديس أبابا، وهو يحتوي على نقاط مهمة سأتطرق لها وهي: النقطة المهمة التي يبدأ منها أن قوات الدعم السريع تبدي استعدادها التام لوقف عدائيات فوري غير مشروط عبر تفاوض مباشر مع القوات المسلحة.
وتقدم تعمل على الوصول مع القوات المسلحة للالتزام بذات الإجراءات، حتى نتوصل لاتفاق وقف عدائيات ملزم للطرفين ومراقب.
النقطة الثانية التي وردت في الاتفاق، وأنا أقول هذا الكلام؛ لأن هناك حملة ضد الاتفاق وتعبئة ضده والناس لا تعلم ما بداخله، النقطة الثانية تعهدت قوات الدعم السريع في مناطق سيطرتها بفتح الممرات الآمنة لوصول المساعدات الإنسانية وتوفير الضمانات اللازمة بتيسير عمل منظمات العمل الإنساني وحماية العاملين في مجال الإغاثة كل هذه الأهداف مهمة جدا للشعب السوداني ولمساعدته.
كذلك قضية تهيئة الأجواء لعودة المواطنين والمواطنات لمنازلهم في المناطق المتأثرة بالحرب.
وهناك نقطة مهمة متعلقة بالتعاون التام مع لجنة التحقيق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان بما يضمن كشف الحقائق وإنصاف الضحايا ومحاسبة المنتهكين.
مما اتفق عليه في إعلان أديس أبابا أيضا الحديث عن القطاع الأمني والإقرار بتنفيذ عملية برامج شاملة لإعادة بناء وتأسيس القطاع الأمني وفقا للمعايير المتوافق عليها دوليا على أن تبدأ بالتعاطي الإيجابي مع المؤسسات الموجودة حاليا على أن تفضي هذه العمليات للوصول إلى جيش واحد مهني وقومي يعبر عن كل السودانيين وفقا لمعيار التعداد السكاني، ويخضع للسلطة المدنية، ويدرك واجباته ومهامه وفقا للدستور لتضع حدا قاطعا لظاهرة تعدد الجيوش (القوات المسلحة الدعم السريع الحركات المسلحة المليشيات) خارج إطار الجيش القومي المهني الواحد مع ضمان خروج المنظومة الأمنية (لقوات المسلحة الدعم السريع الشرطة وجهاز المخابرات) من النشاط السياسي والاقتصادي وقبلوهم بالمبادئ المذكورة أعلاه وتعهدهم بمساعدة عمليات الانتقال المدني الديمقراطي والعمل على استدامته واستقراره. كذلك الاتفاق على قضية تفكيك نظام الثلاثين من يونيو في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية. وإطلاق عملية شاملة للعدالة الانتقالية تكشف الجرائم، وتنصف الضحايا وتجبر الضرر، وتحاسب المنتهكين بما يضمن عدم الإفلات من العقاب وتصميم حملة لمكافحة خطابات الكراهية وتحقيق التعافي الوطني.
اتفق كذلك في إعلان أديس أبابا على أن يكون مشروع خارطة الطريق وإعلان المبادئ يشكل أساسا جيدا للعملية السياسية التي تنهي الحرب وتؤسس للدولة السودانية.
كذلك اتفقنا على القيادة المدنية للعملية السياسية بمشاركة واسعة لا تستثني إلا المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وواجهاتهما وكذلك اتفق على أن التفاهمات الواردة في الإعلان تطرح بواسطة تنسيقية تقدم لقيادة القوات المسلحة لتكون أساسا للوصول لحل سلمي ينهي الحرب.
هذا الإتفاق في مجمله اتفاق مشروع مدني معني بحماية المدنيين وبتحقيق أهداف الشعب السوداني. كان الهدف أن تلتقي تقدم الطرفين للوصول لهذا الهدف، لكن مشكلة عدم التجاوب من جانب القوات المسلحة تركتنا في انتظار الخطوة الثانية التي لم تحدث حتى الآن!
ومما ذكرته حول إعلان أديس أبابا لا يتسق أن يوصف بأنه تحالف أو تقارب بين تقدم والدعم السريع، هو اتفاق على مشروع مدني وإعلان مبادئ طرحته (تقدم) لا بد أن ينظر الناس إلى متنه، وتقيمه من مضمونه، وليس من التشويش والحملات التي تثار ضد (تقدم).
المشروع المدني المتفق عليه أهميته للشعب السوداني العمل على محاربة وقفل أبواب الفساد؛ فعمليات التهريب والتجنيب التي تحدث في الدولة السودانية لفترات طويلة متوسط حجم الفساد في العام قبل الحرب بلغ عشرة مليارات دولار في عمليتي التهريب والتجنيب فقط! الآن يمكن هذه المبالغ تنقصها ظروف الحرب لانعدام الأمن ومشكلة المدخلات.
هذا الفساد يشترك فيه أصحاب المشروع الشمولي العسكري الذين أيدوا انقلاب أكتوبر بالتالي المفارقة؛ أننا عندما نتفق مع الدعم السريع نتفق معه على المشروع المدني، نتفق معه على إصلاحات وقضايا تفيد الشعب السوداني كله، وليس قضايا تخص تقدماً أو أي من مكوناتها وفئاتها، وفي المقابل هم عندما يتفقون مع الدعم السريع يتفقون على مصالح مشتركة مثل الاقتسام الحصل لمنظومة الصناعات الدفاعية مثلا، فهذا اقتسام لمصالح خاصة على حساب الشعب السوداني. بالتالي الحديث المثار في هذه النقطة لا أساس له. الاتفاق الذي تم بين تقدم والدعم السريع هو اتفاق في مصلحة السودان والسودانيين، بينما التفاهمات كلها واللقاءات التي كانت تتم وتمت بين الجيش السوداني والمؤتمر الوطني والدعم السريع كلها كانت ضد المدنيين، وفي قسمة مصالح مشتركة على حساب الشعب السوداني
_في رأيك ما الذي يمنع البرهان تشكيل حكومة إلي الأن؟
الإجابة عن المانع من تشكيل حكومة..
تشكيل الحكومة ة قبل الحرب كانت تواجهه عقبة الاعتراف الدولي بها وطبعا هذا مدخل مهم للتعاون الدولي معها لتلافي المشاكل الاقتصادية والعجز والمعاناة وإعفاء الديون هذه كلها قضايا تتطلب تعاوناً دولياً وبدون اعترافه لن يتم هذا التعاون.
لذلك في فترة ما قبل الحرب؛ كل القوى الانقلابية التي شاركت في انقلاب 25 أكتوبر فشلت في تكوين حكومة، وبعد الحرب ما زالت الأسباب المتعلقة بمسألة الاعتراف الدولي قائمة، وأصبحت تقابلها قضايا أخرى مثل مشكلة عدم السيطرة على كل أرض السودان لحدوث النزاع وتوزيع للسيطرة على الأرض من قبل القوات المتقاتلة، الجيش مسيطر على أراضي وولايات والدعم السريع يسيطر على أراضي وولايات هذه من المشكلات التي استجدت بعد الحرب وكذلك الخلافات الداخلية وتكوين الحكومة وتشكيلها مع التطلعات الموجودة يفكك المعسكر الداعي لتشكيل الحكومة في بورتسودان وكذلك قضية التزامات الحكومة مع ظروف العجز في وقت يوظف كل ما هو متاح من موارد لقضية الحرب وفي هذا الجانب الأفضل للسودان ألا تشكل حكومة في السودان إلا بعد الاتفاق بين السودانيين وتوافقهم على إيقاف الحرب.
لا بد أن تأتي حكومة بعد الحرب بالتوافق، وتحظى بشرعية التوافق ويحصل معها بعد السلام اعتراف دولي وتعاون دولي مهم لإعادة الإعمار ومساعدة السودانيين المحتاجين لمساعدة. والترتيبات المختلفة تتطلبها استعادة الحياة للسودان بعد هذا الموت والدمار والتشريد الذي أحدثته الحرب لشريحة عظيمة وضخمة من مواطني السودان
ماتعليقك علي تصريحات السيدة رباح الأخيرة خاصة حديثها حول أن مشاركة الحزب في تقدم لم يتم بالتوافق وأن القائمين الآن داخل حزب الأمة وخارجه يتصدرها من تقصر قامتهم عن الفكر والعمل المطلوب؟
حزب الأمة لم يشارك في تقدم بقرار سواء بالتوافق أو بدونه؛ حزب الأمة أحد المؤسسين والصانعين لتقدم منذ أن كانت فكرة حتى أصبحت أوسع تحالف مدني في البلاد، تحالف بني بمشاركة قاعدية واسعة تمت تسمية معظم المشاركين في مؤتمرها التأسيسي وهم 600 عضو من مراكز تصعيد في الولايات ال18 ومراكز المهجر ال25 أجهزة الحزب الولائية شاركت في تصعيد ممثلي الحزب للمؤتمر العام لتقدم كما شاركت تنظيمات الحزب بالمهجر في أعمال تصعيد ممثلي الحزب في المؤتمر.
تحالف تقدم يجمع بين القوى الحزبية وغير الحزبية، وهذه من مزاياه، ويجمع بين الكيانات الحديثة والتقليدية، ويجمع بين سودانيي الداخل والخارج؛ وبالتالي هو تحالف فريد، ويتبنى مشروع يدعو لإيقاف الحرب ولإصلاح وإعادة بناء مؤسسات الدولة على القيم المدنية الديمقراطية فهو تحالف جبهوي بأجهزة رأسية بمرجعيات ومسؤوليات محددة.
وطبعا هذا التوجه في التحالفات السياسية كان من ضمن ما طالب به حزب الأمة في مشروعه الذي قدمه لإصلاح الحرية والتغيير العقد الاجتماعي الجديد.
ما أدخل الحزب في هذا المسار أنه قبل انقلاب أكتوبر اتخذ المكتب السياسي لحزب الأمة في اجتماع محضور قرارا بالإجماع لفك تجميد عضوية الحزب في ذاك الوقت في المجلس المركزي للحرية والتغيير، وقبل اندلاع الحرب قرر مجلس التنسيق تكوين جبهة مدنية عريضة لتلافي وقوع الحرب وبعد وقوع الحرب في أبريل اجتمع في يوليو في القاهرة المكتب التنفيذي للحرية والتغيير والحزب جزء من منظومة الحرية والتغيير، بعد القرار الذي اتخذته أجهزته بالإجماع.
والمكتب التنفيذي للحرية والتغيير كلف لتكوين جبهة عريضة لإيقاف الحرب وأنا كنت أحد أعضاء هذه اللجنة، وفي ذاك الوقت مؤسسات الحزب لم تكن تجتمع، وبعد أن تقرر هذا في اجتماع المكتب التنفيذي للحرية والتغيير أنا تواصلت مع الحبيب الرئيس المكلف، وأخبرته بالموقف لأن هذا يندرج ويتماشى مع ما قرره الحزب قبل الحرب مباشرة، وطلبت منه أن يكون الحزب بتوجيه منه لجنة للإسناد والمتابعة وتوسعة للرأي في ظل غياب اجتماع المؤسسات.
لجنة الإسناد روعي فيها تمثيل أجهزة الحزب والتوازن الجهوي والنوعي، وكانت المساهمة بتاعت اللجنة مفيدة جدا في عمل تكوين الجبهة المدنية العريضة عندما اجتمعت بعد ذلك مؤسسات الحزب وهي مؤسسة الرئاسة ومجلس التنسيق في القاهرة مارس 2024.
من ضمن برامج العمل تم استعراض عمل اللجنة التحضيرية لتقدم، وطبعا هذا الحديث تم قبل المؤتمر التأسيسي لتقدم الذي تم في مايو 2024 مجلس التنسيق حصر الإيجابيات والسلبيات التي رآها وكون لجنة برئاسة الأستاذ عبد الرحمن عبودة رئيس هيئة الربط والرقابة لإعداد مذكرة لتقدم وفعلا أعدت وأجيزت في اجتماع مشترك لمجلس التنسيق ورؤساء لجان المكتب السياسي، هذه المذكرة قدمت لوفد من تقدم برئاسة رئيس التنسيقية عبد الله حمدوك قبل المؤتمر التأسيسي، وناقش وفد حزب الأمة معهم المذكرة، كان النقاش طيبا وإيجابيا.
فيما بعد ردت تقدم على مذكرة حزب الأمة بمذكرة مكتوبة وحزب الأمة كلف اللجنة التي أعدت المذكرة التفصيلية لإعداد تقرير عن رد تقدم، وقُدِّم التقرير لمجلس التنسيق وأجازه.
هذا ما حدث في أجهزة حزب الأمة فيما يلي تقدم، وهذه التوصية أو القرار الذي أصدره مجلس التنسيق سيكون ساريا إلى أن يجتمع المكتب السياسي، وسيقدم تقرير مجلس التنسيق للمكتب السياسي عندما ينعقد، وحاليا هناك لجنة تحضيرية تشرف وتتابع انعقاد هذا الاجتماع.
الجانب الآخر المتعلق بقيادات الحزب هذه القيادات أتت بها مؤسسات الحزب حسب الإجراءات التنظيمية في دستور حزب الأمة القومي عدا الرئيس المكلف كُلِّف بعد انتقال الرئيس المنتخب عليه الرحمة والرضوان واصلا الرئيس بيتم انتخابه عبر المؤتمر العام لذلك تكليف اللواء معاش فضل الله برمة بإجماع كل أجهزة الحزب بعد شهر من انتقال الحبيب، وهم مؤسسة الرئاسة ومكتب التنسيق والمكتب السياسي وهو صاحب المرجعية في القرارات.
كانت المطالبات بقيام المؤتمر بعد عام من هذا التكليف والآن ظروف الحرب والتي تواجه المدنيين عامة، وتواجه الحزب ومؤسساته وقياداته تتطلب تعاونا تاما بين كل قيادات الحزب وكوادره وجماهير الحزب لمواجهة الصعوبات التي يواجهها المدنيون في السودان ليقوموا بدورهم في إيقاف هذه المعاناة، التحدي كبير والمهمة الملقاة على عاتقهم كبيرة.
أستاذ صديق هل يمكن العمل مع الإسلاميين في فضاء سياسي واحد ؟
الإسلاميون أو الإسلامويون في السودان هم تيار فكري لديه مؤيدون ومناصرون من مواطني السودان، لكن كل من يفكر بمنطق مدني ديمقراطي لا بد أن يحترم إرادة مواطني السودان، ويحترم الرأي والرأي الآخر مهما اختلف معهم، المشكلة ليست مع الإسلاميين كتيار فكري ولا كجماعة منظمة، المشكلة تنحصر في تنظيم محدود هو المؤتمر الوطني؛ لأنهم حزب سياسي لا يعمل بالوسائل المدنية السياسية، بل يعمل على تحقيق أجندته وأهدافه السياسية التمكينية الإقصائية بالتحالف مع المؤسسة العسكرية والأجهزة النظامية، لذلك يعتمد على الانقلابات العسكرية، وليس على العمل الجماهيري والانتخابات لتولي السلطة.
وطبعا استخدامهم لوسيلة الانقلابات العسكرية تدل وتعكس عدم الاعتراف والتمسك والإيمان بقيم الحرية والمساواة والعدالة والسلام من قبل أجهزة وقيادات المؤتمر الوطني، وإقرار منهم كذلك بعدم امتلاك التأييد الجماهيري المطلوب لمنحهم الوزن السياسي المتخيل والمتصور في ذهنهم، إذا كان لديهم هذا التأييد الجماهيري لما لجأوا لأساليب الانقلابات والتحالف مع المؤسسة العسكرية.
قضية التحالف المدني العسكري أو قضية النفوذ الحزبي في المؤسسات العسكرية لأغراض تمكينية هي تشوه كبيراً في جسد الدولة السودانية لا تقوم لها به قائمة، ويستحيل أن يحدث الاستقرار في الدولة وإمكانية تعايش المواطنين مع بعضهم في ظروف وجود هذا التشوه. لذلك فإن قضية فك هذا الارتباط مهمة جدا لكل مواطني السودان، وهذا الكلام لا لمصلحة فئة ولا جماعة ولا حزب ولا تكتل، بل لمصلحة السودان والسودانيين.
بالتالي الإجابة المباشرة على السؤال نعم باستثناء المؤتمر الوطني؛ حتى يعتمد الوسائل المدنية في العمل، ويتخلى عن اختراق المؤسسة العسكرية والأجهزة النظامية، ويتخلى عن الأجندة الإقصائية التمكينية، إذا حدثت هذه الإصلاحات مرحبا به في العمل السياسي، وبعد ذلك “الحشاش يملأ شبكته”
السيد صديق ماهو مستقبل الدعم السريع والجيش بعد إنتهاء الحرب؟
أبدا من حقيقة مهمة لا بد من تثبيتها وهي أن مستقبل السودان بعد الحرب مدني وليس عسكرياً. فبعد كل هذه المآسي والانقلابات والحروب، آخرها حرب أبريل وما سببت من قتل ودمار هي نتيجة مباشرة لتعدد الجيوش في البلاد، ولا بد أن يكون هناك جيش واحد مهني قومي، وهذا مهم لتحقيق السلام وإعادة الإعمار واسترداد مسار إعفاء الديون والتعاون الدولي.
ونخلص لأنه بعد إيقاف الحرب لا بد من تكوين جيش واحد مهني قومي احترافي ينهي تعدد الجيوش، ويجعلها تقوم بمهامها المتفق عليها في كل دساتير الدول الحديثة وليقوم المشروع المدني في السودان، وتُشَكَّل حكومة مدنية انتقالية بمهام محددة، يتوافق عليها السودانيون والقوى المدنية السياسية. وفي ختام الفترة الانتقالية تكون هناك انتخابات حرة يفوض فيها شعب السودان من يرى تفويضه وتكليفه.
ماهي نظرتك لمستقبل السودان سيد صديق؟
السودان استمر في حالة اضطراب وحروب منذ الاستقلال وانقلاب الإنقاذ أحدث تشوها كبيرا في جسد الدولة السودانية، وقاد هذا لحرب أبريل الحالية “أم الحروب” التي قتلت وتقتل وشردت وتشرد ودمرت وتدمر وهي أعنف هزة يتعرض لها جسد الوطن ومواطنيه الطيبين الذين لا يستحقون ما يفعل بهم وبوطنهم. الذي أمامنا الآن من مهمة ومهام هي إيقاف الحرب وتحقيق السلام والحفاظ على السودان موحدا إذا تمكن السودانيون من التوافق، وأحسنوا إدارة التباينات، وخططوا جيدا للمرحلة القادمة، فإن مستقبل السودان مشرق جدا فيما أرى ونستطيع إعادة إعمار السودان بخطة مدروسة تحقق العدالة بين أبناء الوطن
ماهو تعليقك علي حديث البرهان امام الجمعية العامة حول جديته بتسليم السلطة للمدنيين؟
السيد القائد العام للجيش ينظر إلى المدنيين بصورة انتقائية فهو يقبل دور المدنيين الذين يدعون القيادة العسكرية للحياة السياسية والعمل الاقتصادي في السودان، وهذا ظهر في مساندته لاعتصام الموز، ورفضه ورفض المكون العسكري مجتمعا للمدنيين الذين يدعون للحكم المدني، مظاهر هذا الأمر برز في فض اعتصام القيادة العامة بالوحشية كلها التي تم بها.
غض النظر عن الجهة التي نفذته؛ فالمسؤولية المباشرة تقع على القائد العام للقوات المسلحة السودانية. وكذلك الانقلاب العسكري على المشروع المدني في أكتوبر هو علامة رفض لهذا المسار ورفض هذا المشروع وهذا البرنامج.
والآن كلما يتحدث يهاجم تقدم مع أنها مدت نحوه أيادي بيضاء لحقن دماء السودانيين وإيقاف الحرب اللعينة لنثق بما يقول في قضية تسليم السلطة للمدنيين يجب أن نسمع منه ما يوضح إقراره بحصر دور القوات المسلحة السودانية في المهام السامية التي يحددها لها الدستور المدني من حماية للدولة ومواطنيها وكذلك ما يؤكد نظره إلى المدنيين بلا تمييز وانتقائية بحسب مشروعاتهم السياسية.