السودان يحتاج إلى طبقة سياسية جديدة مؤمنة بالأدوات المدنية وبحكم القانون وبالأساليب الديموقراطية وباحترام الدستور والقانون .
مايمنع البرهان من تشكيل حكومة هو الوضع المعقد وحال السودان المتشظي فمن قبل الحرب بعامين لم تكن هناك حكومة
ناشدنا كحزب الحكومة السودانية بأن تذهب إلى جنيف رغم تفهمنا لتحفظاتها والتي من أهمها عدم قبولها لوجود بعض الاطراف كمسهلين
السودان توجد فيه منظمات ثورية، جماعات دينية، طرق صوفية، قبائل، مليشيات مسلحة، وكلها منتحلة صفة الحزب السياسي.
حزب بناء السودان من الأحزب التي تحمل فكرا مختلفا ويصف الحزب نفسة بأنه الحزب السياسي الوحيد في السودان وفق النظام الليبرالي الديمقراطي، يسعدني في هذا الحوار أن يكون ضيفي أ.وائل عابدين رئيس حزب بناء السودان.
تشبعت الساحة السياسية في السودان بالأحزاب والتيارات السياسية.. ما هو الفرق بينكم وبين الأحزاب الموجودة حالياً؟
يؤسفني القول ان الساحة السياسية في السودان خالية من وجود أحزاب. السودان توجد فيه منظمات ثورية، جماعات دينية، مجموعات احتجاجية، طرق صوفية، قبائل، مليشيات مسلحة، وكلها منتحلة صفة الحزب السياسي، بينما لا يوجد فيه حزب واحد متسق فكرياً و تنظيمياً مع دور الحزب السياسي وفقاً للنظام الديمقراطي الليبرالي، عليه فهذه محاولة لتأسيس حزب سياسي جديد متسق فكرياً مع مطلوبات النظام الديمقراطي الليبرالي في السودان ولهذا فإن الحاجة لوجوده كبيرة وضرورية.
وللتدليل، على ما قلت فإن الأحزاب في النظام الديمقراطي كلها أحزاب إصلاحية غير الثورية واي حزب الثوري هو بالضرورة،من منظور ديمقراطي، منظمة إجرامية تسعى للوصول للسلطة بأساليب تخالف الدستور والقانون، و أن النظام الديمقراطي نفسه اخترعته البشرية كدواء لمرض عضال هو الصراع الثوري على السلطة، حيث أن الصراع الثوري على السلطة هو الاستناد على شرعية القوة والغلبة بدلا من الاستناد على الشرعية الدستورية وديمقراطية الانتخابية، وبهذا تصبح الحرب الأهلية هي النتيجة الراجحة إن لم نقل الحتمية للصراع الثوري على السلطة. مثَّل الانتقال إلى الطور الديمقراطي في تاريخ البشرية انتقالا لمرحلة التداول السلمي للسلطة بين أحزاب ديمقراطية (إصلاحية غير ثورية)، وبما أننا في السودان نعيش في حروب أهلية منذ العام ١٩٥٥ فيجب علينا أن نشكِّك في مجمل عمليتنا السياسية التي نجحت في استدامة الحرب الأهلية إلى يومنا هذا. الناظر إلى مجمل طبقتنا السياسية يلحظ بوضوح أن القاسم المشترك بينها هو اعتماد التغيير الثوري كأسلوب للوصول للسلطة والإيمان بالفكر الثوري وبأفضليته الأخلاقية، هذا هو السبب الرئيسي لاشتعال واستمرار الحروب الأهلية في السودان.
ما رأيك في حزب الأمة والحزب الاتحادي كأحزاب طائفية وهل يمكن أن تنجح في صناعة سودان قوي؟
أعتقد ان الاجابة على هذا السؤال بسيطة و قصيرة. هذه الاحزاب موجودة من قبل الاستقلال و لك ان تتأمل حال السودان اليوم.
لا تؤمنون بأن الثورة تصلح كأداة للتغير، ماذا يحتاج السودان كي يصبح دولة مدنية ديمقراطية حقيقية؟
يحتاج السودان الى سودانيات و سودانيين يؤمنون بالتغيير الاصلاحي المتدرج بدلا من التغيير الثوري و الى انتهاج اسلوب للتغيير يتفق مع طموحات غالبية المواطنين الذين يأملون في التغيير مع ضمان استقرار الدولة، و الى تقليل تكلفة العمل السياسي و ذلك لزيادة مشاركة المواطنين على أسس برامجية لان زيادة المشاركة السياسية على أسس برامجية تتناسب عكسياً مع استخدام السلاح في العمل السياسي، و نحتاج الى عكس اتجاه التغيير فبدلاً من الاسقاط و الهدم و التفكيك يجب أن يكون البناء و الاصلاح و تقوية مؤسسات الدولة و زيادة حوكمتها لا اضعافها و هدمها و تفكيكها، و علينا السعي لتحقيق تحسين نوعي مستمر في معيشة المواطنين بغض النظر عن نظام الحكم، كما يجب أن نعتبر التغيير هو عملية مستمرة و ليس مشروعاً له بداية و نهاية.
يحتاج السودان الى طبقة سياسية جديدة مؤمنة بالأدوات المدنية و بحكم القانون و بالأساليب الديموقراطية و باحترام الدستور والقانون و مهما كلف و كيفما كان الدستور والقانون .
شكلتم حكومة ظل ما هي فائدتها ومهامها وكيف يستفيد منها المواطن السوداني؟
حكومة الظل هو اسلوب متقدم وراقٍ للممارسة السياسية البرامجية يشكلها الحزب المعارض ويهدف منها إلى:
أولا إعداد سياسيات بديلة تفصيلية لإدارة الدولة.
ثانيا مراقبة اداء الحكومة القائمة بطريقة فعالة حيث تنهض كل وزارة من وزارات حكومة الظل بمراقبة اداء الوزارة المقابلة لها في الحكومة الفعلية.
ثالثا عرض سياسات وبرامج وحلول ومواقف حزب بناء السودان بطريقة فعالة فأسلوب حكومة الظل يخلق عند المتلقي القدرة على المقارنة بين بديلين على الاقل و كما نعلم فان جوهر الفكر الديمقراطي و النظام الديموقراطي مبني على جود بدائل عند الناخب لذا نجد الشموليين هم الاكثر تذمراً من سؤال البديل و الاكثر تخويناً لطارحيه.
ما الذي يمنع البرهان من تشكيل حكومة إلى الآن؟
الوضع شديد التعقيد والسودان في حالة تشظي كبير والسودان قبل هذه الحرب لمدة تقارب من سنتين لم يكن فيه حكومة وهذا يعكس حجم الأزمة السياسية وعمقها.
ما هو مستقبل علاقات السودان الخارجية وإلى أين يجب أن تتجه بوصلته؟
العلاقات الخارجية تبنى على المصالح و على الواقعية وعلى البراجماتية، المتابع يلحظ ان هناك تغيرات متسارعة في مسرح العلاقات الدولية، ظروف الحرب الحالية قد تملي على السودان اختيارات صعبة في علاقاته الخارجية يجب ان يتحلى صانع السياسة الخارجية بأفق منفتح ومرن بعيدا عن الحمولات الايدولوجية او الالتزامات طويلة المدى او التي تكون تكلفتها اكبر من منفعتها.
ما رأيك في رفض حكومة السودان في الذهاب إلى جنيف؟
نحن من حيث المبدأ مع الحوار والتفاوض في اي مكان وأي زمان وقد ناشدنا كحزب الحكومة السودانية ان تذهب الى جنيف رغم تفهمنا لتحفظاتها والتي من أهمها عدم قبولها لوجود بعض الاطراف كمسهلين، هذا مع تأكيدنا لدعمنا للقوات المسلحة في تصديها لتمرد قوات الدعم السريع.
هل تنظرون إلى تقدم كفاعل سياسي يمكن التعامل معه مستقبلاً؟
بالتأكيد إن تحالف تقدم هو فاعل سياسي ولكني لا أعلم على وجه الدقة ماذا تعني بالتعامل معه. عموماً نحن في حزب بناء السودان لدينا قناعة أننا محتاجون الى إشاعة حالة من المنافسة الفكرية والسياسية الكبيرة حتى نخفف من آثار عقود من فكر التحالفات الذي خنق جوهر الوعي الديمقراطي الذي يتنفس على النقد والمنافسة وإزاحة الأفكار والسياسات والبرامج قليلة الجودة وعالية التكلفة.
ما هي نظرتك لمستقبل السودان السياسي؟
ما لم نصل كسودانيين الى قناعة برفض التغيير الثوري فلن يتحقق السلام وبالتالي لن تتحقق التنمية ولا العدالة وستظل الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان تحدث إن الطريق الى الحرية يبدأ عندما ننتصر على الثورة وعندما نتمسك بالنظام والقانون والمؤسسات.
أعتقد ان الحرب رغم فظاعتها قد تكون فرصة لتخلُّق فكر جديد فكر مفارق للقديم منعتق من الأيدلوجيات الثورية التي اوردت السودان الهلاك فكر مستقبلي التوجه تنموي واقعي حساس تجاه تكلفة التغيير متصالح مع الذات ومع العالم و ديمقراطي.