د. نهلة جمال تكتب: رحلة ٤٠٤

عنوان يحمل بعدي السفر والخطأ بتوظيف رقم ٤٠٤ المعهود به التعبير عن الخطأ في وجود صفحات المتصفح أو الموقع الذي تبحث عنه، فهل هي رحلة البحث عن الأخطاء أم الهروب منها، رحلتنا مع الدنيا، نحارب بقرار ولاتخاذ قرار ولنتخطي أزمات ما بعد القرار.. ليبقى الاختيار هو جوهر القلب، والصلابة النفسية سلاح الروح للبقاء، رحلة غادة للتوبة (بطلة الفيلم) هي نموذج إنساني متكرر مع اختلاف أبعاد ما يلقيه علينا الماضي من خطايا فاعلها شهوة وحاجة واندفاع أهوج خلف ملذات زائلة، ورغم أن الزمن يمضي لكن يبقي منه وجوه وملامح قبيحة تجاهد لتلطخ دماءك بسمومها، فمن المنتصر؟؟ ذاك السلبي الضعيف الذي يلعن الظروف ويرضخ للضغوط، أم المجاهد المعافر الذي يقاوم رغم الوجع والمحن لتقليل فرص السقوط.

في رحلة غادة تبحث عن الهدية من الله وقرارها بالحج هو اعتراف منها بذنبها ومحاولة للفوز والانتصار علي ذاتها وظروفها وماضيها، وتعلن ذلك لنفسها كلما فتح الشيطان أمامها أبواب الماضي البراقة بالمال والمتع، وفي سياق ذلك تكتشف الوجه الاخر لكل من حولها شياطين ترتدي ألبسة التمدن والتجارة ، وحائرون غائبون عن الحياة في دوامة الضياع النفسي.

لتواجهنا بسؤال: أثناء رحلة التوبة هل سيتقبلك الجميع أم سيلعب البعض دور الواعظ و عليك إلا تلحظ قرونه النارية واسقاطاته؟ مع عدم التزامك الكامل ستجد أن وقوفك بين نقطتي المجون والاستقامة متذبذب باطار شكلي غير منسجم مع الهدف المرجو ولا يرضي من تمني سقوطك في بئره.

وعلى الرغم من انتشار الظلام تظل شموع الأمل في مواقف إنسانية حقيقية تظهر فقط عندما يواجه المرء ضميره بصدق فيسخر الله العاصي ليساعد ويفك الكرب.

وتوظيف فكرة الحج هنا إنما يرسخ ما نعلمه عنها كشعيرة بعيدة عن السياحة ومتعة السفر وقريبة من الأفئدة التي انهكتها الدنيا فهي رحلة لقاء بين عبد ضعيف ورب كريم.. فلا تحرمنا يارب منها وأرزق كل قلب حلاوة التوبة والثبات عليها.

وقد أُخرج الفيلم بمشاهده السريعة بلا حشو أو مناظر تجارية لاستهداف العيون الشهوانية وعبر الأفيش عن الفكرة بدوامة الحيرة الأزلية بين المرأة والرجل في رمزية تتسق وكل ثقافاتنا عن فكرة الخطيئة الاساسية (العلاقات المحرمة) كلعنة تطارد أطرافها ولم أجد نفور من دور اي شخصية فيه بل كانت لغة الجسد موظفة جيدا وهو ما سنتناوله في مقال أخر بإذن الله.