بقلم أمير مسعد
تُعد صناعة السيارات واحدة من أبرز الصناعات لدخل الدول والأسرع نمواً في العالم، وعلمت الإرادة السياسية في مصر ذلك في عام 1960 بعد تحول مصر من دولة زراعية فقط إلى كيان صناعي هام في المنطقة بالكامل. بدأ عبدالناصر هذه الخطوة بصدور قرار بتأسيس شركة مصرية بالكامل لصناعة السيارات لتلبية احتياجات الشعب المصري لامتلاك سيارة مصرية بسعر مناسب “سيارة لكل مواطن”، وبالفعل تم افتتاح شركة النصر للسيارات وقامت بواجبها على أكمل وجه.
تعود البدايات الأولى لصناعة السيارات المصرية من عام 1960 مع افتتاح شركة النصر للسيارات، والتي جعلت من الحلم حقيقة في امتلاك سيارة مصرية، وبعد دخول العديد من السيارات خطوط الإنتاج سرعان ما خرجت منها مع إنتهاء الاشتراكية والاتجاه إلى سوق أكثر ليبرالية في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، لعدم قدرة تلك السيارات على المنافسة مع السيارات الأجنبية التي دخلت مصر خلال تلك الفترة.
مصانع السيارات في مصر
لم يكن الأمر كذلك قبل عام 1985، فمنذ ذلك التاريخ وأحدثت الصناعة المصرية ثورة كبيرة في صناعة السيارات تحديداً بعد دخول شركة جنرال موتورز الأمريكية السوق المصرية وافتتحت مصنع تجميع لها في نفس العام 1985، ومنذ بداية هذا التاريخ ونمت صناعة السيارات في مصر بشكل كبير لم يسبق قبل ذلك، حيث انتقلت الصناعة من 3 مصانع فقط إلى أكثر من 20 شركة تُجمع سياراتها في مصر مع أكثر من 35 خط تجميع وأكثر من 300 مصنع لإنتاج مكونات التصنيع.
بعد تواجد جنرال موتورز في مصر وقيامها بثورة صناعية في صناعة وتجميع السيارات المصرية وتحقيقها نجاح كبير، جلب ذلك استثمارات كبيرة من شركات أخرى منهم BMW ونيسان وهيونداي، والجدير بالذكر أن مصنع BMW في مصر هو المصنع الوحيد الذي ينتج الفئة السابعة الفاخرة خارج ألمانيا، وهذا يدل على قوة الصناعة المصرية وإصرار الإرادة السياسية على توطين صناعة السيارات من خلال تهيئة البنية التحتية وتوفير كافة المُغريات للاستثمار في مصر.
أعداد السيارات المنتجة في مصر
فمنذ عام 2000 وتحديداً في الربع الثاني، بدأ سوق السيارات المصري في التوسع بشكل كبير جنباً إلى جنب مع الإنتاج المحلي لكل من السيارات المجمعة ومكوناتها، وفي عام 2004 بلغ إجمالي الإنتاج السيارات المنتجة في مصر إلى ما يقرب من 50 ألف سيارة، وارتفع هذا الرقم في عام 2010 إلى حوالي 117 ألف سيارة مُنتجة في مصر بزيادة 136%، وكانت هذه الفترة هي أفضل فترة في تاريخ صناعة السيارات في مصر.
وفي 2011 تدهورت صناعة السيارات في مصر، فضلا عن تصفية أعمال العديد من الشركات التي كانت تعمل في السوق المصرية، بالإضافة إلى انخفاض منحنى الإنتاج بشكل كبير حتى وصل إنتاج السيارات في مصر إلى 37 ألف سيارة تقريبًا في عام 2014.
وفي عام 2014 وبعد تولي السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي حكم مصر، عمل على تحسين أحوال الصناعة وتحديداً توطين صناعة السيارات من خلال العديد من الإجراءات والإصلاحات التي حدثت منذ تولي سيادته الحكم، ومع تهيئة الجو العام وتحسين البنية التحتية بدأت المُغريات في الاستثمار تكثر سنة تلو الأخرى، حتى وصلت مصانع السيارات في مصر إلى 15 مصنع لتصنيع وتجميع السيارات وحوالي 75 منشأة توفر أكثر من 75 ألف فرصة عمل.
إعادة افتتاح النصر للسيارات
لنأتي الآن إلى تطور جديد لتوطين صناعة السيارات في مصر بفضل الإرادة السياسية والإصرار على ذلك، وهو إعادة افتتاح شركة النصر للسيارات والتي سوف تنتج حوالي 20 ألف سيارة سنوياً مع وجود مصانع أخرى تم الإعلان عنها في مصر مثل مصنع عز العرب السويدي لإنتاج سيارات بروتون، مع خط تجميع سيارات إكسيد في مصر، والعديد من الشركات الأخرى.
وبحسب تصاريح اللواء حسين مصطفى لموقع “أون مصر”، فإن صناعة السيارات شهدت إنخفاضات عديدة وأعوام كبيسة خلال السنوات الماضية، ومع إعادة افتتاح شركة النصر للسيارات ومصانع أخرى، سوف نشهد ارتفاعات مرة أخرى في الإنتاج المحلي للسيارات ونأمل أن نصل مرة أخرى إلى إنتاج أكثر من 100 ألف سيارة في العام الواحد.
وتوقع “حسين” أيضاً انخفاض في أسعار السيارات في العام القادم بعد الانتهاء من تصنيع السيارات التي سيتم إنتاجها في مصنع النصر للسيارات، وأكد أن هذه الخطوة هامة جداً وضرورية اتخذها الرئيس عبدالفتاح السيسي لتوفير نزيف العملة الصعبة.